کد مطلب:369634 سه شنبه 3 اسفند 1395 آمار بازدید:410

الحلقة الثامنة والأخیرة
 الكلام للهاشمی

الهاشمی: ضیوف الحلقة الختامیة من المناظرة هم الدكتور محمد مصطفى (أبو شوارب) رئیس قسم اللغة العربیة فی كلیة التربیة فی جامعة الإسكندریة فی جمهوریة مصر العربیة، وصباح الخزاعی مدرس الریاضیات والهندسة الكهربائیة بكلیة بریستون فی بریطانیا، ومن الحوزة العلمیّة فی قم بجمهوریة إیران الإسلامیة یشارك فی هذه الحلقة الدكتور السید محمد القزوینی الحائز على درجة الاجتهاد من مراجع التقلید فی حوزة قم بإیران.

أمّا السیّد حسن الحسینی الذی شارك معنا فی كلّ حلقات المناظرة السابقة فإنّه اعتذر الیوم عن المشاركة لظروف قاهرة، وذلك لارتباطه بأمر السفر، وقد حاول تأخیر موعده لكن دون جدوى، وعلى كل حال، فقد أتیحت له الفرصة فیما سبق لیعطینا رأیه فی هذا الأمر.

الیوم هو یوم النطق بالحكم([228])، كانت هذه محاكمة لاثنین من أشهر رموز تاریخ العرب وتاریخ المسلمین، رفعها علماء الشیعة، فقد رفعوا دعوة ضدّ هذین الرجلین وهما: أبو بكر الصدیق وعمر بن الخطاب (رضی الله عنهما) واتهماهما بقتل بنت رسول الله (صلّى الله علیه وسلّم).

قدّم المشاركون الشیعة فی البرنامج، باستثناء الأخ صباح الخزاعی، قدموا الأدلة التی لدیهم التی قالوا إنها تكفی لإثبات التهمة على الرجلین. وعارض المشاركون السنة، وأیضاً الأخ صباح الخزاعی العربی والشیعی العراقی هذه الأدلة، واعتبروها غیر صحیحة وغیر مقنعة، وقدّموا أدلّة كثیرة على دحضها، وعلى إسقاط هذه الروایة واعتبارها كذبةً وتدلیساً المقصود منه تفریق كلمة المسلمین وإبقاء الفرقة والبغضاء بینهم([229]).

الیوم هی الجلسة النهائیة نستمع فیها إلى الآراء النهائیة لكل الضیوف، وسوف أطرح على الجمیع بعض الأسئلة الرئیسیة من وحی المناقشات السابقة لتتضح الصورة، ولیعرف كلّ مشاهد على أی أساس یبنی حكمه النهائی فی هذه القصة.

الهاشمی: الدكتور السید القزوینی السلام علیكم ورحمة الله وبركاته.

السید القزوینی: السلام علیكم ورحمة الله وبركاته یا دكتور الهاشمی.

الهاشمی: أحییك وأحیی كل المشاهدین الكرام، وأرحب مرَّة أخرى بضیوفی هنا فی الأستودیو.

أودّ یا سید القزوینی، ونحن فی جلسة النطق بالحكم الیوم، أن أقول: الحمد لله الذی أكرمنا أنا وأنت والدكتور (أبو شوارب) والأخ صباح الخزاعی إننا نحن لسنا المتهمین، فالتهمة خطیرة وبشعة ومخیفة وثقیلة على أی إنسان، لكننا فی مجلس حواری علمی ولعله یكون مجلساً تاریخیاً.

قبل أن تعطینا الجواب النهائی بأدلتك، أرید أن اقرأ علیك هذه الرسالة التی جاءتنی عبر الفاكس من ضمن مئات الرسائل التی وصلت إلى البرنامج، أقرأها علیك وعلى السادة المشاهدین، یقول صاحب الرسالة:

“بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على محمد وآله آل الله واللعن الدائم على أعدائهم أعداء الله إلى یوم لقاء الله، إلى الأستاذ الهاشمی وضیوفه (أبو شوارب) والحسینی والخزاعی.

أعتقد أن هذه الندوة هی عبارة عن اجتماع السقیفة الثانیة، فبعد أن ذكرنا لكم فی رسالة سابقة (أرسلتها عبر الفاكس أیضاً) بعض النصوص من المصادر السنیة المعتبرة عند أهل السنة والجماعة، وكما ذكرها السید محمد القزوینی أیضاً، فإن كانت هذه الروایات سقیمة، كما تدعون، فلیست المسؤولیة علینا وإنما المسؤولیة تقع على من ألف تلك المصادر.

ولولا ثبوتها عند علماء أهل السنة القدامى لما ذكروها فی صحاحهم، والملاحظة، من خلال الندوات التی قدمتموها، أنه یعجبكم المس بكرامة الصدیقة الشهیدة فاطمة الزهراء(علیها السلام)، وهذا شأن من یشتری مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فإنكم تقولون بلسان الشیطان وتكتبون بأقلام العداء ومحابر النفاق تلبیة لمن اشترى منكم دینكم وضمائركم.

ولقد فصّلت القول فیكم سیدة النساء(علیها السلام) بقولها وقبل أكثر من (14) قرناً: “یا معشر المسلمین المسرعة إلى قیل الباطل، المغضیة على فعل القبیح الخاسر، ما هذه الغمیزة فی حقی والسنة أو الشنة عن ظلامتی”.

أما ما ذكره ضیفكم الذی ینسب نفسه إلى مذهب الشیعة، والآخر الذی اتصل بكم واسمه عباس الجنابی، فإنهما نطقا بلسان الشیطان، كما كانا یفعلان مع أسیادهما المقبورین عدی وزمرته، وجوابنا لكم أن ما توصلتم إلیه باطل ولا یرضى به ضمیر حتى من هو على غیر ملة الإسلام، ولكن، یقول الأخ صاحب الرسالة: إن موعدكم الصبح ألیس الصبح بقریب؟ فسوف یخرج النور الساطع، كما بشر به ابن الزهراء الباقر(علیه السلام)، مهدی فاطمة(علیها السلام)، حیث یدخل(علیه السلام) المسجد ثم یخرج الأزرق والزریق أبا بكر وعمر رضّین طریین ثم یحرقهما بالحطب الذی جمعاه لیحرقا به علی وفاطمة والحسن والحسین وزینب(علیهم السلام)، وذلك الحطب عندنا نتوارثه. المصدر: (دلائل الإمامة ص 455).

اتقوا الله، ودعوا الأجیال تفهم الحقیقة وتقرأ التاریخ الصحیح كما جاء فی الدعاء الشریف: “اللهم العنهما وابنتیهما والمائلین إلیهم” هذا هو الحكم والأمر الإلهی”([230]).

العودة إلى الحوار معنا

الهاشمی: سید القزوینی، نحن فی جلسة النطق بالحكم؛ لأن الأدلة التی عرضتها أكثر من مرة تعطی المبرر لتوجیه التهمة إلیهما من طرفك، كما تتأكد هذه التهمة فی ضوء هذه الرسالة التی أرسلها أحد الأخوة الذی أكد الحادثة.

أرید أنْ أسألك بشكل مباشر السؤال الآتی: لقد جاء الدكتور أبو شوارب والسید الحسینی والأخ الخزاعی بأدلة منطقیة وتاریخیة وكلها تؤكد أن التهمة باطلة، وأن الروایات التی استشهدت بها من مصادر أهل السنة لا تشیر أبداً إلى كسر الضلع وإسقاط الجنین([231]).

كما أنّ الإمام علی لم یتحدّث عن هذا الموضوع مطلقاً فی نصوصه، والروایة التی أتیت بها لا یمكن الاستدلال بها لإثبات تهمة القتل؛ لأنه لیس فیها حدیث أبداً عن كسر الضلع ولا إسقاط الجنین ولا الهجوم نفسه.

ذكر كلام زید بن علی بن الحسین حول الخلفاء

وقالوا لك فی ثنایا الكلام فی الأیام الماضیة: إنّ حفید السیدة فاطمة الزهراء الإمام زید بن على زین العابدین بن الحسین بن فاطمة الزهراء بن علی بن أبی طالب تبرأ من شیعته الذین كانوا یتهجمون على أبی بكر وعمر وقال: من تبرأ من الشیخین فقد تبرأ من الإمام علی([232]).

وقالوا لك: إن الأدلة والكتب التی تستدل بها فیها تناقضات وأكاذیب كثیرة؛ مما یسقط قیمتها كمرجع موثوق یمكن الاعتماد علیه([233]).

الطلب منا أن نسحب التهمة عن الشیخین

وطلبوا منك، بناءً على كلّ هذه الأدلة، أن تسحب التهمة التی وجهها علماء الشیعة عن الشیخین، وأن تعلن الیوم أمام ملایین المسلمین أن هذه التهمة باطلة زائفة، وبعد ذلك یتم الحدیث فیما یترتب على ذلك الاعتراف، فهل أنت جاهز ومستعد، فی ضوء هذا الحوار، لسحب التهمة عنهما، والاعتراف بأنه لا توجد أدلة قاطعة حاسمة تثبت التهمة فی حق الشیخین؟ تفضل بالجواب (رضی الله عنك).

جوابنا على ما سبق من إشكالات

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم بسم الله الرحمن الرحیم، الحمد لله ربّ العالمین، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرین، وبعد.

الأخوة الأعزاء الحضور والمشاهدین الكرام السلام علیكم جمیعاً ورحمة الله وبركاته.

أودّ وقبل الإجابة على سؤال الدكتور الهاشمی، الإشارة إلى بعض النقاط الضروریة:

أوّلاً: ما ذكرته فی الحلقة الأولى من الاعتذار عن بعض الأخطاء الناشئة من عدم إجادتی التامة للتحدّث باللغة العربیة، لكونها لیست لغتی الأمّ لا یعنی أنّی لا أفهم اللغة العربیة، بل إنّ ما قصدته هو عدم القدرة الكاملة على التكلم بطلاقة، وفرق بین القدرة على فهم الكلام والقدرة على التكلم بطلاقة، وإلا فأنا، والحمد لله، قد ألفت لحد الآن أكثر من عشرین كتاباً باللغة العربیة، وبعضها حاز على درجة الامتیاز فی إیران؛ وبإمكان من أراد الاطلاع علیها مراجعة موقعنا فی شبكة المعلومات العالمیة (الإنترنت) ولذلك فلیس هناك مبرراً للتعریض الذی وجهه لی الأخ الحسینی بهذا الخصوص.

ثانیاً: أنّی لم أكن من المتحمّسین للمشاركة فی مثل هكذا حوارات، ولكن ونزولاً عند رغبة أحد العلماء، وهو آیة الله العظمى الشیخ مكارم الشیرازی (حفظه الله تعالى) وهو من مراجع الدین الشیعة فی إیران، وله مُقلّدون كثیرون، كما أنّ مؤلّفاته تقارب المائة وأربعون مؤلّفاً، حیث طلب منّی أن أشارك فی هذه المناظرة، وقد ذكر لی: أنّنی لم أتعرض فی أی من مؤلفاتی إلى معتقدات أهل السنّة بالإساءة مطلقاً. وفی نفس الوقت طلب منی أن أنقل للمشاهدین الأعزاء هذا الكلام وهو: أنّ مسألة الاعتقاد بظلامة الصدیقة الزهراء(علیها السلام) هی مسألة ثابتة بطرق صحیحة فی كتبنا التی نعتمد علیها، وهی لیست قضیة مستحدثة، بل إنّها ثابتة منذ القدم، سواء عند مراجع الشیعة أو عامتهم، وكلّ ما یقوم به شیعة أهل البیت، من إحیاء ذكرى السیدة الصدیقة، وذلك بإظهار الحزن والتوشح بالسواد وإقامة مجالس العزاء، فلهم أدلتهم الشرعیة والعقلیة على مشروعیة ذلك. هذا هو كلام هذا المرجع الشیعی.

وأودّ هنا التأكید مرةً أخرى: أنّ غالبیة مجالس العزاء التی یقیمها الشیعة، وخاصّة تلك التی تقام من قبل العلماء والمراجع والذین هم قدوة لنا، لا یسمح فیها للخطیب أنْ یسیء إلى أی شخصیة إسلامیة لها مقام واحترام عند شریحة كبیرة من المسلمین مهما كانت المبررات، حتّى أنّه ومراعاة للمصلحة الإسلامیّة العلیا یتمّ غض النظر فی الغالب عن الحقائق الثابتة فی هذا الموضوع، هذا هو المنهج العام.

أمّا من شذّ عن ذلك فلا یقاس علیه مثلما أننا لا نحكم على إخواننا أهل السنة من خلال مواقف المتطرفین والتكفیرین، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنّه، وللأسف، وعلى الرغم من كلّ ما عرضته من روایات أكثرها من كتب أهل السنّة، ومنها ما هو مصحّح وفقاً لمبانی علم الرجال عندهم، إلا أنّ الأخوة یصرّون على أنّنی لم آت لحد الآن بروایة واحدة صحیحة، حتّى أنك قلت: إنّ من لا یأتی بروایة صحیحة فسوف نضربه بالقدح على رأسه! كما أنّكم لا تزالون تكرّرون القول: إنّنی أُسیء للصحابة ولأهل السنّة.

الهاشمی: ولكن، یا سید القزوینی، إنّ الأمر حسّاس ومهم، إنّ الذی أقصده أنّك لم تأت على مدى الأیام التی شاركت فیها بروایة واحدة لعالم سنّی یقول فیها: إنّ عمر بن الخطاب كسر ضلع الزهراء وأسقط جنینها، فلم نسمع هذا منك أبداً، إنّك تحدثت عن روایة لابن أبی شیبة وفیها أنّه هدّدها إذا لم یبایع من كان فی بیتها فقط، ویقول لها: أنت أحبّ الناس إلینا مثل أبیك، لكن لم أسمع منك ذلك أبداً ولربّما فاتنی.

السیّد القزوینی: لقد سبق أنْ ذكرت روایة الجوینی المتوفى (730هـ)، الذی یعبّر عنه تلمیذه الذهبی(748هـ) فی تذكرة الحفاظ: “ الإمام المحدث الأوحد الأكمل فخر الإسلام إلخ”، والتی تحدّثت عن قضیّة كسر ضلع فاطمة (سلام الله علیها) وإسقاط جنینها.

وهذا نص الروایة كما وردت فی فرائد السمطین للجوینی، عن رسول الله(ص): “إنّی لمّا رأیتها ذكرت ما یصنع بها بعدی، كأنّی بها وقد دخل الذلّ بیتها، وانتهكت حرمتها، وغصب حقّها، ومنع إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنینها”([234]).

الهاشمی: إذن أنت تقول: إنّ هذا الحدیث ینسب إلى رسول الله (صلّى الله علیه وسلّم) قبل وفاته، فهو یتوقع أو یقرأ فی مستقبل الأیّام كأنّه یراها وقد فعل بها كذا وكذا، هكذا الأمر؟

السید القزوینی: نعم.

الهاشمی: هذا أمر سهل؛ لأن أهل السنّة یقولون: إنّ هذه أحادیث مخترعة لا أصل لها، والنبیّ (صلّى الله علیه وسلّم) لیس بالضرورة أنّه یعلم الغیب، هو یقول: أنا لا أعلم الغیب. لكن على كلّ حال هذا أمر یسیر، لأننی ظننت أنك تقول: إنّ الجوینی ینقل عن شخص عاش ورأى وشهد هذا الحادث، أمّا حدیث من هذا النوع فهذا أمره هین، فإذن نعود إلى السؤال الأصلی([235]).

فأنت تقول: لقد أتیت فی الأیام الماضیة بأدلّة من كتب أهل السنّة، وأنا أقول لك: بناءً على ما جرى بینی وبینك من حدیث على مدار الأیّام الماضیة لم تأت أبداً (حفظك الله وزادك الله علماً) بأیّ دلیل من كتب أهل السنّة یثبت كسر الضلع وإسقاط الجنین!!

فإذن من أین ستأتی بالدلیل، إذا كان أهل السنّة لا یتحدّثون عن كسر الضلع وإسقاط الجنین؟ هل لدیك مصادر أخرى تجعلك تطمئن إلى إثبات التهمة؟

السید القزوینی: یا دكتور، القضیة لیست قضیة اتهام، لقد طلبتم منی روایة من كتب أهل السنة وذكرت لكم روایة الجوینی([236])....

أمّا روایة ابن أبی شیبة فقد قال المصنف بسنده: “...عن زید بن أسلم عن أبیه أسلم أنه حین بویع لأبی بكر بعد رسول الله(ص) وكان علی والزبیر یدخلان على فاطمة بنت رسول الله(ص) فیشاورونها ویرتجعون فی أمرهم، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال: یا بنت رسول الله(ص)! والله ما من أحد أحب إلینا من أبیك، وما من أحد أحب إلینا بعد أبیك منك، وأیم الله ما ذاك بمانعی أن اجتمع هؤلاء النفر عندك، أن أمرتهم أن یحرق علیهم البیت، قال: فلما خرج عمر جاؤوها فقالت: تعلمون أن عمر قد جاءنی وقد حلف بالله لئن عدتم لیحرقن علیكم البیت، وأیم الله لیمضین لما حلف علیه، فانصرفوا راشدین، فروا رأیكم ولا ترجعوا إلی، فانصرفوا عنها فلم یرجعوا إلیها حتى بایعوا لأبی بكر”([237]).

أمّا بالنسبة إلى ما ورد فی ذیل الروایة وهی عبارة: “فلم یرجعوا إلیها حتى بایعوا لأبی بكر”، فهو مخالف للروایة التی نقلها البخاری ومسلم: والتی تقول: “وعاشت بعد النبی(ص) ستة أشهر فلما توفیت دفنها زوجها علی لیلاً، فلم یؤذن بها أبا بكر، وصلى علی علیها، وكان لعلی من الناس وجه حیاة فاطمة، فلما توفیت استنكر على وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبی بكر ومبایعته، ولم یكن یبایع تلك الأشهر”([238]).

الهاشمی: إذن البخاری یشكك فی روایة ابن أبی شیبة، ألیس كذلك؟

السید القزوینی: لیست قضیة تشكیك، وإنما ذیل الروایة یتنافى مع روایة البخاری.

الهاشمی: یعنی أنت تقبل رأسها وترفض ذیلها؟

السید القزوینی: ما ورد فی صدر الروایة، أی مسألة إحراق البیت، هو أمر ینسجم مع أدلة وروایات وقرائن أخرى ولذلك فهو مقبول عندنا، كما أن الروایة هی صحیحة السند، أما بالنسبة إلى بقیة الروایة فیمكن أن یكون من زیادة الراوی، لأنها كما قلت: تتعارض مع ما نقله البخاری ومسلم.

الهاشمی: لا یا سید القزوینی، بما أنّك تتحدث عن جریمة قتل لا یمكن لك ذلك، إما أن تقبل الروایة كلّها وتستدلّ بها أو ترفضها كلّها، فمثلاً إذا أتیت بشهادة أمام المحكمة فإما أن تكون شهادة صادقة فتقبل كلها، أما إذا قلت إنّ الشهادة صادقة فی رأسها وكاذبة فی ذیلها یقال لك هذه الشهادة ملغاة([239])، فعلیك أن تختار أحدى الروایتین: إمّا روایة ابن أبی شیبة تختارها كلّها وفیها أنّ سیدنا عمر هدد بإحراق البیت فقط ولكنّه أقر فی الوقت نفسه بأنّه أحبّ الناس إلیه رسول الله (صلى الله علیه وسلم) وأحب الناس إلیه بعده فاطمة ابنته([240])، وإنّ الأمر أدى إلى بیعة علی والزبیر ومن كان معهما، أو تردّها وتقبل حدیث البخاری الذی لیس فیه علاقة بكسر الضلع وإسقاط الجنین، فنحن نرید أن نعرف هذه التهمة هل هی ثابتة أم باطلة([241]).

السید القزوینی: كثیراً ما یحصل فی الكتب الفقهیة، أنّ الفقهاء، مثلاً، سواء من الشیعة أو السنة، یواجهون روایة صحیحة، فیأخذون بصدرها ویقبلونه ویستندون إلیه فی الفتوى، ولكنهم فی الوقت ذاته یرفضون ذیل تلك الروایة لكونه یتعارض مع روایة صحیحة أخرى أو أی دلیل قطعی آخر.

جوابنا على روایة الإمام الصادق(علیه السلام)

یا دكتور هاشمی، فی اللیلة الماضیة نقل الأخ (أبو شوارب) عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه سئل عن أبی بكر وعمر (رضی الله عنهما)، فقال: “إمامان عادلان قاسطان كانا على الحق وماتا علیه”. وقد كرر الأخ أبو شوارب والأخ الحسینی (حفظهما الله تعالى) ذكر هذا الكلام والاستدلال به على الرغم من كونه یتعارض مع ذیل الروایة وهو قوله:” لما انصرف الناس، قال رجل من خاصته: یا بن رسول الله، قد تعجبت مما قلت فی حق أبی بكر وعمر فقال: نعم، هما إماما أهل النار” والذی تحاشوا ذكره دون أن یشیروا إلى ذلك أو یذكروا أسبابه([242]).

قبول الهاشمی لصدور التهدید عن عمر بن الخطاب

الهاشمی: إذن ابن أبی شیبة یقرّ بأنّه قد حصل تهدید فقط ولم یحصل شیئاً غیر ذلك، ومع هذا قال لها: نحن نحبك، فالروایة صحیحة فی أولها باطلة فی آخرها، ولكن لیس فیها جریمة قتل. فهل لدیك روایة أخرى من كتب أهل السنة فیها إدانة لعمر وأبو بكر بالقتل أو بكسر الضلع وإسقاط الجنین وإلا انتهی كلامك؟ وتبین أنه لا توجد عند أهل السنة مثل هكذا روایة إلا روایة الجوینی، التی قلت إنها حدیث عن رسول الله (صلى الله علیه وسلم).

فالسید القزوینی إذن یقر بأنه لا یوجد دلیل من أهل السنة على اتهام عمر وأبو بكر (رضی الله عنهما) بكسر الضلع وإسقاط الجنین، وأن الأمر الوحید الذی ورد فیه هو إشارة إلى الحادثة ولیس إلى الشخصین هو حدیث ینسبه الجوینی إلى النبیّ (صلّى الله علیه وسلّم) فهذا، كما قلت أنت، إذا رده أهل السنة فعلیهم أن یثبتوا لماذا وعلى أی أساس یردونها.

وهل هناك أدلة أخرى من كتب أهل السنّة أو ننقل الحدیث إلى كتب الشیعة؟

روایة ندامة أبی بكر لهجومه على بیت الصدیقة فاطمة

السید القزوینی: سأذكر روایة أخرى من كتب أهل السنة، ثم أذكر بعض الروایات من كتب الشیعة:

وهی ما أخرجه الطبری عن الخلیفة أبی بكر أنه قال: “أما إنی لا آسى على شیء إلا على ثلاث فعلتهن...إلى أن قال: وددت أنی لم أكشف بیت فاطمة وإن أغلق على الحرب”. وهنا أوجه سؤالی إلیك یا دكتور هاشمی، وإلى الضیف الكریم العزیز الدكتور أبو شوارب (حفظكما الله تعالى)، ما هو المراد من قول الخلیفة أبی بكر: “وددتُ أنّی لم أكشف بیت فاطمة”؟ وقد أطلق هذه العبارة فی أواخر عمره، علماً أن الروایة صحیحة على مبنى إخواننا أهل السنة.

أبو شوارب: لا لیست صحیحة، فالطبری لا یشترط الصحة فی مرویاته، ولو رجعت إلى هذه الروایة ستجد أنها مرویة عن هشام بن السائب الكلبی، أو أنها مرویة عن أبی مخنف بن یحیى؛ لأنّ هذین الراویین هما الراویان اللذان اختصا بروایة أخبار النزاع بین الصحابة، بین أبی بكر وعمر من ناحیة، وفاطمة وعلی (علیهم جمیعاً رضى الله) من ناحیة أخرى فی كتاب الطبری، وهما راویان شیعیان رافضیان متعصبان غالیان فی تعصبهما([243]).

ثمّ إنّنا قلنا مراراً وتكراراً، یا آیة الله القزوینی (حفظك الله ورعاك): إنّ كتاب الطبری لیس كتاباً صحیحاً، فإنّ الرجل یروی كلّ ما وقع له من دون أنْ یشترط الصحّة فی ذلك، وأنت أستاذنا فی علم الرجال، ولك باعك، ولك منزلتك، وتعرف جیداً أنّ هناك فارقاً كبیراً بین الروایة والدرایة، بین روایة الخبر وبین نقد الخبر وتحقیقه، إنّ الطبری كان عالم روایة ولیس عالم درایة، وهذه المسألة واضحة فأرجو أن لا نخدع السادة المشاهدین، فتاریخ الطبری لیس تاریخاً صحیحاً، وأنت أعرف بهذا منی([244]).

 أناـ لو سمح لی الدكتور الهاشمی ـ أرید أنْ أسألك سؤالاً سریعاً، دعنا من التفاصیل الجانبیة، ودعنا من كتب السنة وكتب الشیعة، أنا أرید منك أن تأتی بروایة من أی مصدر كان شیعیاً أو سنیاً، نحن قد فرغنا من روایة أهل السنة وانتهى أمرها، نرید الآن أن نتوجه إلى الحدیث عن كتابات الشیعة، والمطلوب هو روایة عن شخص رأى هذه الحادثة، عن شخص شاهدها، عن إنسان وقف ونظر واستمع، ولیست روایة مرسلة، كما یجب أن لا تكون روایة منقطعة، أی لیست روایة وجدت فی القرن الرابع عن حدث جرى فی القرن الأول، أو عما جرى فی یوم وفاة الرسول (علیه الصلاة والسلام)، والخلاصة: نرید روایة عن شاهد عیان.

السید القزوینی: أما قولك بأنّ كتاب الطبری لیس كتاباً صحیحاً؛ لأنه لا یشترط الصحة فی مرویاته، فأقول: إن كل كتبكم ما عدا كتابی صحیح البخاری ومسلم هی بهذا الشكل.

الهاشمی [مقاطعاً]: لا. قال الدكتور محمد السعیدی، نقلا عن الطبری فی الصفحة الثانیة من كتابه: أنه یجمع كل ما وقع له، یعنی كل ما جاءت إلیه من الأخبار ویترك دراستها لمن بعده.

هل لدیك دلیل من كتب الشیعة أو من الباحثین الأوربیین أو من الباحثین الهندوس أو البوذیین أو الأسترالیین؟ هل لدیك دلیل آخر على تورط أبی بكر وعمر فی ارتكاب الجریمة؟

كلام حسن بن فرحان فی تصحیح روایات الهجوم

السید القزوینی: یقول الشیخ حسن بن فرحان المالكی، الأستاذ والباحث التربوی بإدارة التعلیم فی الریاض بالمملكة العربیة السعودیة: “لكن حزب علی كان أقل عند بیعة عمر منه عند بیعة أبی بكر الصدیق نظراً لتفرقهم الأول عن علی بسبب مداهمة بیت فاطمة فی أول عهد أبی بكر وإكراه باقی الصحابة الذین كانوا مع علی على بیعة أبی بكر، وكانت لهذه الخصومة والمداهمة ـ وهی ثابتة بأسانید صحیحة ـ ذكرى مؤلمة لا یحبون تكرارها”([245]).

كما أنوّه هنا إلى الأبیات التی قالها شاعر النیل حافظ إبراهیم:

“وقولة لعلی قالها عمر

حرقت دارك لا أبقى علیك بها

ما كان غیر أبی حفص بقائلها




 

أكرم بسامعها أعظم بملقیها

إن لم تبایع وبنت المصطفى فیها

أمام فارس عدنان وحامیها”([246]) 




وكذلك ما ذكره عبد الفتاح عبد المقصود، الذی یقول: “هل على ألسنة الناس عقال یمنعها أن تروی قصة حطب أمر به ابن الخطاب وأحاط بدار فاطمة ففیها علی وصحبه لیكون حجة الإقناع أو عدة الإیقاع”([247]).

وأشیر هنا إلى أن أیاً من الأخوة الحاضرین أو الأخوة المشاركین عبر الهاتف لم یذكروا دلیلاً واحداً على ضعف الروایة التی ذكرتها فی الحلقة الماضیة وصححتها، والمرویة فی كتب أهل السنة.

استدلال عجیب للهاشمی فی جواب كلام حسن بن فرحان المالكی

الهاشمی: هذا خلاصة أقوالك فی روایات أهل السنة، وقد ذكرت الآن الأخ حسن المالكی، وقد شارك معی فی بعض البرامج سابقاً، وهو مؤید للروایات الشیعیة بشكل عام، وعنده خصومة كبیرة مع السلفیین فی السعودیة، وبینهم نقاش كبیر، فهو على كل حال لیس مرجعاً یمكن أن نعتمده فی قبول أحداث تلك الفترة([248]).

أبیات شاعر النیل تدل على التهدید فقط كروایة ابن أبی شیبة

أمّا حافظ إبراهیم فقد انتبهت إلى وجود الشرط (إنْ) فی البیت (إن لم تبایع)، وهی نفس مدلول روایة ابن أبی شیبة، أی یدلّ على التهدید فقط([249]).

مركز الأبحاث لیس موقعاً شخصیا للسید السیستانی

السید القزوینی: أمّا بالنسبة إلى ما تكررون ذكره باستمرار حول ما هو موجود فی مركز الأبحاث العقائدیة، فأقول: إن هذا المركز أو الموقع لیس موقعاً شخصیاً خاصاً بالسید السیستانی، ولیس ناطقاً رسمیاً باسمه، وغیر مختص بطرح أفكاره وآراءه الخاصّة، بل هو مركز ثقافی وفكری وعلمی یجمع مختلف الكتب والنتاجات الثقافیة التی یعبر كل منها عن رأی صاحبه، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإننی ـ وحرصاً منی على وحدة المسلمین ومصالح الإسلام العلیا واحتراماً منی لإخوانی أهل السنةـ فقد طرحت هذا الأمر على مسؤول مكتب السید السیستانی فی إیران فأكد لی أن ما هو موجود فی هذا المركز لا یمثل بالضرورة رأی السید، وأن هناك موقعاً خاصاً لسماحته یمكن لكم الرجوع إلیه، والذی لا یوجد فیه أی إهانة أو سب أو إساءة لأی من أعلام أهل السنة أو مقدساتهم.

أما الذی یمثل آراء الشیعة فهو ما یقوله المراجع العظام، من أمثال آیة الله العظمى السید السیستانی والسید القائد الخامنئی وغیرهم من المراجع البارزین.

الكلام للهاشمی

الهاشمی: ما تقوله فی أن ما یطرح فی مركز الأبحاث العقائدیة لا یمثل رأی السید السیستانی، فهو لیس جهة ناقلة عنه، وذلك نقلاً عن مدیر مكتبه، فنحن نطالب لإثبات صدق هذا القول بإعلان رسمی یذكرون فیه حذف اسم مركز الأبحاث العقائدیة من لائحة المراكز التابعة للسید السیستانی، فهذا المركز هو الرابع من المراكز التابعة له، وهذا مكتوب فی موقعه هو نفسه فما رأیك أنت؟ هل نستطیع أن نقبل هذا التبریر أم أن المنطق یقول: إذا لم یكن تابعاً للسید السیستانی فعلیهم أن یعلنوا أن مركز الأبحاث العقائدیة لیس تابعاً لهم.

مداخلة للخزاعی فی موضوع التهمة

الخزاعی: أنا صباح الخزاعی، هل یمكن أن أتكلم معك وسیكون كلامنا من شیعی إلى شیعی؟

السید القزوینی: لا أعتبرك شیعیاً یا أخی العزیز، لأنك بنفسك قد قلت فی اللیلة الماضیة: بأنك لست شیعیاً ولا سنیاً.

الخزاعی: وهل القضیة باختیارك؟

السید القزوینی: كلامك لا یشبه كلام الشیعة.

الخزاعی: هل أنت ولی الله حتى تقول أنا شیعی أو سنی.

السید القزوینی: أنت فی اللیلة الماضیة قلت بأنك لست بشیعی ولا بسنی([250]).

ذكرنا لروایات أئمة أهل البیت بشأن ظلامات الزهراء(علیها السلام)

الروایة الأولى

اسمح لی أن أقرأ روایة عن الإمام الصادق، والذی یقول الأخ الخزاعی أنه لا یوجد للإمام الصادق روایة صحیحة فی هذا الموضوع.

الهاشمی: أنت ترید أن تروی روایات شیعیة وأنا سأنصت لك، وبعد أن تكملها سأریك على الإنترنت كمیة الكتب التی تقول ما یقوله بالضبط آیة الله عبد الكریم العقیلی فی مركز الأبحاث العقائدیة التابع للسید السیستانی، كلها تقول نفس الكلام فی إدانة الشیخین ولعنهما، مما یدل على أن هذه هو اتجاه المذهب عامة.

السید القزوینی: أما بالنسبة إلى ما ورد من أدلة حول قضیة استشهاد الصدیقة فاطمة(علیها السلام) فی كتب الشیعة، فقد ذكرت فی الحلقات السابقة روایة عن الإمام أمیر المؤمنین سلام الله علیه فی (نهج البلاغة) حیث یقول: “وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها”([251]).

یقول الشیخ حبیب الله الخوئی (رضوان الله تعالى علیه) فی كتابه (منهاج البراعة): “معنى تضافر الأمّة إشارة إلى ما صدر عنهم من كسر ضلعها وإسقاط جنینها”([252]).

وقد نقل هذه الروایة عن الإمام علی(علیه السلام) كلّ من الكلینی فی الكافی ومحمّد ابن جریر الطبری فی دلائل الإمامة والشیخ المفید فی أمالیه([253]).

كما نقل هذه العبارة من علماء أهل السنة المعاصرین الأستاذ عمر رضا كحالة فی كتابه أعلام النساء([254])، وكذلك العالم المعاصر الأستاذ مأمون غریب المصری([255]).

الهاشمی [مقاطعاً]: یا سید القزوینی، تكلم بما تشاء ولكن أرجوك عدم النقل عن أهل السنة بعدُ، لأن الأمر حساس والتهمة خطیرة، فقد اتفقت أنا وأنت على أننا انتهینا من موضوع أهل السنة، فلقد عرضت كل آرائك فیها وكل أقوالك([256])، تفضل بنقل بقیة الروایات الشیعیة:

الروایة الثانیة

وهناك روایة أخرى رواها محمد بن جریر الطبری الشیعی فی كتاب (دلائل الإمامة)عن الإمام الصادق(علیه السلام)، یقول: “كان سبب وفاتهاـ أی فاطمة(علیها السلام)ـ أن قنفذاً مولى عمر لكزها بنعل السیف بأمره، فأسقطت محسناً ومرضت من ذلك مرضاً شدیداً، ولم تدع أحداً ممن آذاها یدخل علیها”([257]).

ترجمة رجال السند

وهذه الروایة روایة صحیحة؛ لأن رواتها هم:

ـ محمد بن هارون التلعكبری، ذكره النجاشی وترحّم علیه ووثقه([258]). وهارون بن موسى بن أحمد، قال فیه النجاشی: كان وجهاً فی أصحابنا ثقة معتمداً لا یطعن علیه([259]). ومحمد بن همام بن سهیل: وثّقه النجاشی فی رجاله([260]). وأحمد بن محمد بن خالد البرقی هو من رجال أصحاب الإجماع وموثق ([261]). وأحمد بن محمد بن عیسی رئیس القمیین، وهو غایة فی الوثاقة([262]). وعبد الرحمن بن أبی نجران: قال فیه النجاشی: كان ثقة ثقة ([263]). وعبد الله بن سنان: راوٍ ثقة بالإجماع عند الشیعة ([264]). وعبد الله بن مسكان من أصحاب الإجماع ووثاقته مجمع علیها عند الشیعة ([265]). وأبو بصیر الأسدی أیضاً ثقة عند أصحاب الإجماع([266]).

الروایة الثالثة

والروایة الأخرى، هی عن محمد بن یحیی، عن العمركی بن علی، عن علی بن أبی جعفر، عن أخیه ـ أی الإمام الكاظم ـ تقول: “إن فاطمة(علیها السلام) صدیقة شهیدة”([267]).

ترجمة رجال السند

أما رجال السند فی هذه الروایة فهم كل من: محمد بن یحیى، شیخ الكلینی، وهو ثقة([268]). والعمركی بن على، وثّقه النجاشی([269]). وعلی بن جعفر، وثقه الشیخ الطوسی([270]).

كما صرح بصحة هذه الروایة من العلماء المعاصرین وأنها ظاهرة فی أنها(علیها السلام) ماتت مظلومة شهیدة المرجع الشیخ جواد التبریزی([271]).

كما نقل العلامة المجلسی فی (بحار الأنوار) عن كتاب (دلائل الإمامة) للطبری وبسند معتبر عن الصادق(علیه السلام) أن سبب وفاتها (صلوات الله علیها) أن قنفذاً مولى عمر لكزها بنعل السیف بأمره، فأسقطت محسناً([272]).

ونقل العلامة السید مرتضى العاملی (حفظه الله تعالى) فی كتابه (مأساة الزهراء) عن كتاب الاحتجاج للطبرسی، أنّ الإمام الحسن (سلام الله علیه) قال مخاطباً المغیرة بن شعبة: “أنت الذی ضربت فاطمة بنت رسول الله حتى أدمیتها وألقت ما فی بطنها”([273]).

كما وردت أیضاً روایات أخرى عن أئمة الهدى، الصادق والجواد والهادی والعسكری(علیهم السلام) قد جمع هذه الروایات العلامة السید جعفر مرتضى العاملی فی كتابه (مأساة الزهراء(علیها السلام))([274]).

والروایات الواردة بهذا الخصوص كثیرة ومتضافرة بلغت حد الاستفاضة فی إثبات ظلامات السیدة الزهراء(علیها السلام).

رد الادعاء بأن الشیعة قد وضعوا الخلیفتین فی قفص الاتهام

أما بالنسبة إلى ما تكررون ذكره، أنت والإخوة الضیوف، من أننا قد وضعنا الخلیفتین أبا بكر وعمر فی قفص الاتهام؟

فأقول: إذا كنت تعتبر ما نطرحه من أدلّة، الغرض منها هو الدفاع عن ظلامة آل بیت النبیّ وخاصة بضعة المصطفى(ص) وإثبات حقهم ولیس هدفنا الإساءة إلى أحد هو سب وطعن للشیخین، فما تقوله فیمن سب أبا بكر وعمر وعثمان من علماء أهل السنة ومن رواتهم الموثقین، فقد صححوا أخباراً وردت عن رواة من أهل السنة كانوا یشتمون هؤلاء الخلفاء، فضلاً عن تصحیحهم لروایات تتضمن السب والشتم المباشر والصریح بحقهم. فهناك أخبار كثیرة، كما فی صحیح مسلم وغیره، عن رواة من أهل السنة كانوا یشتمون ویسبّون هؤلاء الصحابة.

منهم ـ على سبیل المثال ـ:

1ـ إسماعیل بن عبد الرحمن بن أبی كریمة السدّی:

قال الذهبی فی میزان الاعتدال عنه: هذا الرجل یشتم أبا بكر([275])، ومع هذا فإن العجلی ـ وهو من كبار علماء أهل السنةـ یقول عنه: أنه كوفی ثقة([276]).

2ـ تلید بن سلیمان المحاربی:

فقد نقل ابن حجر فی تهذیب التهذیب عنه أنه كان یشتم عثمان ویشتم الصحابة([277]) ومع هذا فإن المروزی یقول نقلاً عن أحمد بن حنبل: “لم نر به باساً”([278]) كما ذكر البخاری: “تكلم فیه یحیى بن معین([279])، وقال العجلی لا بأس به”([280]).

3ـ عبد الرزاق بن همام الصنعانی (صاحب المصنف):

وهو من كبار الرواة عند أهل السنة، وقد نقل الذهبی عن أحد علماء أهل السنة، قوله: “لو ارتد عبد الرزاق عن الإسلام ما تركنا حدیثه”([281])، هذا الرجل كما یقول الذهبی: “كان یحب علیاً ویبغض من قاتله”([282])، كما روى عنه قوله لرجل ذكر معاویة فی مجلسه: “لا تقذر مجلسنا بذكر ولد ابن أبی سفیان”([283]).

4ـ یونس بن الخباب:

وكذلك بالنسبة إلى یونس بن خباب، والذی قال عنه الساجی: أنه صدوق، وقال عنه ابن شاهین: هو ثقة، هذا الرجل كان یسب عثمان، كما نقل الحاكم النیسابوری([284]).

5ـ عباد بن یعقوب الرواجنی:

وأیضاً عباد بن یعقوب الرواجنی([285])، والذی هو من رجال البخاری والترمذی وابن ماجه، كما ورد فی تهذیب التهذیب([286]).

(أبو شوارب) یعترض على طرحنا لمثل هكذا أمور

أبو شوارب [مقاطعاً]: یا دكتور القزوینی، (بارك الله فیك وحفظك)، كل هذا الكلام خارج عن الموضوع، فلا تستعرض لنا بضاعتك فی علم الرجال. فأنت تعلم أنّ الراوی إذا اجتمع فیه جرح وتعدیل فالجرح مقدم على التعدیل؛ لأن الجارح ربما اطلع على صفة لم یطلع علیه المعدّل، هذا أولاً ([287])، وثانیاً: اتهام بعض رواة الحدیث فی الصحیحین بأنهم كانوا یشتمون أبا بكر وعمر هذا الكلام الذی تقوله أنت، لو صح، فهو لیس ذریعة للقضیة.

نحن نناقش قضیة لا علاقة لها بهذا السرد الطویل الذی تقدمه لنا حول هؤلاء الرواة، وتستعرض لنا من كتب الجرح والتعدیل ما یتصل بالرجال. هذه قضیة غیر مطروحة للنقاش، ولا علاقة لها بما كنا نناقشه على مدی أسبوعین.

فأنت، بصراحة، كما یبدو لنا، تدور حول الماء ولا ترده؛ كعادة إخواننا الشیعة الذین نناقشهم فی هذه القضیة منذ سنوات طویلة، ونستمع إلى آرائهم فلا یقولون صراحة شیئاً واحداً حقیقیاً أو شیئاً مباشراً أو محدداً؛ فیدورون حول القضیة ولا یقدمون دلیلاً على دعواهم([288]).

أنت تنقل لنا عن الكاظم وعن الصادق (سلام الله علیهما)، فهل كان الكاظم موجوداً یوم الحادثة، أم كان الصادق موجوداً یومها؟

أنّهما لیسا شهود عیان؛ فلا علاقة لهما بالقصة، أما إذا كان جوابك: أنهما من أحفاد فاطمة وهذا العلم یتوارثونه. فهذا القول منك لا یؤخذ به عند تثبیت تهمة وما فیها؛ فحینما أحدثك عن أن جدی صنع به عبد الناصر كذا وكذا وكذا واعتقله، وأدخله السجن؛ هل هذا الكلام یقبل منی؟ فأنا لم أشهد عصر عبد الناصر ولم أر ما حدث([289]).

الهاشمی: یا سید القزوینی، هل تسمح الآن أن نعطی الفرصة للإخوان لكی یتكلموا؟

السید القزوینی: أخی العزیز، لم أكمل كلامی لحد الآن؟

أبو شوارب: أنت تتحدث عن الرجال، وتقول لی هؤلاء ثقات عند أهل السنة، ولكنهم فی الحقیقة كلهم روافض.

السید القزوینی: أسال الدكتور (أبو شوارب) سؤالاً واحداً؛ لو كان هؤلاء الرجال من الروافض فماذا تفعلون بكتاب صحیح مسلم المملوء بروایاتهم؟

أمّا بخصوص ما ذكرته عن الرواة الذین شتموا الصحابة فإنّنی كنت فی مقام الدفاع عن نفسی، ورد التهم التی یصر الأخوة على إلصاقها بی، بل بمذهب أهل البیت(علیهم السلام) وهی تهمة سب الصحابة والإساءة إلیهم وأننا وضعناهم فی قفص الاتهام([290]).

أمّا بالنسبة إلى ما قاله الدكتور (أبو شوارب) من أن الإمام الصادق(علیه السلام) لم یكن حاضراً وقت الحادثة!

فأقول: إنّ الروایات الصحیحة عن أهل البیت(علیهم السلام) إنّما ینتهی سندها إلى رسول الله؛ لأنّ كلّ واحد منهم یروی عمن سبقه من الأئمة إلى أن ینتهی سند الروایة إلى رسول الله(ص)، وقد ذكر آیة الله العظمى البروجردی فی كتاب (جامع أحادیث الشیعة) حوالی سبعین روایة تدل على أنّ روایات الأئمّة(ص) كلّها مسندة إلى أمیر المؤمنین(علیه السلام) ومنه إلى النبی(ص).

الهاشمی یطلب من المشاركین فی الندوة النطق بالحكم النهائی

الهاشمی: فی النهایة أنا أطرح سؤالاً على كلّ ضیف، وأبدأ من السید القزوینی، نحن الآن فی محكمة تاریخیة علمیة؛ هل أبو بكر وعمر بحسب كلّ الأدلّة التی قدمتها وبعد كلّ هذه الحوارات التی جرت فی الحلقات التی شاركت فی بعضها واستمعت لبعضها، هل تعتبر أن أبا بكر وعمر مدانان فی الهجوم على السیدة فاطمة، وإحراق بیتها وإسقاط جنینها وكسر ضلعها؟ هل هما مدانان أم بریئان؟ ما هو جوابك فی نهایة كل هذه المداولات؟

جوابنا على كلام الهاشمی

السید القزوینی: واجبی هو أنْ اطرح الأدلة المعتبرة أما ما عدا ذلك فهذا متروك لك وللمشاهد الكریم.

الهاشمی: فی ضوء علمك؛ وفی ضوء الروایات التی نقلتها من الشیعة والسنة، فإذا سألتك الآن بالعلم الذی أعطاك الله إیاه من علم الروایات وعلم الرجال وروایات السنة والشیعة فی هذا الموضوع، هل ترى أنّ أبا بكر وعمر متورطان فی الهجوم وكسر الضلع وإسقاط الجنین أم غیر متورطین؟

السید القزوینی: هذه الروایات تدلّ على وقوع الحادثة.

الهاشمی: هل أبو بكر وعمر مشاركان فی الهجوم؟

السید القزوینی: یا دكتور، نحن لا نعلم الغیب.

الهاشمی: یا سید القزوینی، أنا لا أسألك عن علم الغیب؛ أنا أعرف أنّه لا یعلم الغیب إلا الله؛ لا أسألك عن هذا، أنت الآن تعرضت لروایات السنّة؛ كما تعرضت لروایات الشیعة؛ فی النهایة، وحسب رأیك الشخصی، هل أن أبا بكر وعمر متورطین فی هذه العملیة أم لا؟

كبس بیت فاطمة(علیها السلام)

السید القزوینی: ما تشیر إلیه الروایات، سواء ما ورد منها فی كتب شیعة أهل البیت أم فی كتب أهل السنة، هو أن عمر وعدة من الصحابة وبأمر من أبی بكر قد كبسوا بیت فاطمة(علیها السلام)، وأن عمر قد هدد بإحراق البیت على من فیه، مع علمه بوجود السیدة الزهراء فیه، أما كسر الضلع فإنه تم بید قنفذ مولى عمر.

الهاشمی: یا سید القزوینی؛ بما أنّ الجوینی لم یذكر اسم عمر فی الحدیث الذی تشیر إلیه، وهو حدیث عن النبی (صلّى الله علیه وسلّم) قبل وقوع الأحداث، كما أنّ جعفر الصادق لم یذكر اسم عمر كذلك؛ فهل برأیك أن هذا یجعل عمر متورطاً أم لا؟

لست بصدد المحاكمة بل نحن والروایات والتاریخ

السید القزوینی: لست هنا بصدد محاكمة أحد أو إصدار حكم بحقه؛ لأنی لست قاضیاً، كما أنّ مثل هذه الأمور قد أوكلت إلى محكمة العدل الإلهی، نعم أترك الحكم على الأدلّة التی قدمتها إلى كلّ مسلم منصف ونزیه ومحبّ للنبیّ وأهل بیته، ممّن یستمعون القول فیتبعون أحسنه.

الهاشمی: أنا تعبت من هذا، ثمانیة أیام نتناقش؛ هل حدث كسر الضلع وإسقاط الجنین أم لا؟ وهل أبو بكر وعمر متورطان فیه أم لا؟

السید القزوینی: یا دكتور، نحن نجتهد طبقاً للروایات؛ ولیس عندنا علم الغیب.

الهاشمی: والله ما سألتك عن علم الغیب؛ أنا سألتك عن اجتهادك أنت فقط، وأعرف أن اجتهادك قد یصیب وقد یخطئ، اجتهادك أنت من هذه الروایات؛ ماذا تقول فی النهایة؟

الدلیل واضح على هذه الحادثة وهذا لا یلازم الاضرار بوحدة المسلمین

السید القزوینی: كما قلت لك، نحن نتبع الدلیل أینما مال نمیل، نعم، أود التأكید هنا على أنه لا یجوز الإساءة بأی حال من الأحوال إلى مقدّسات إخواننا أهل السنّة، لأنّ هذا یضرّ بوحدة المسلمین ویخدم أعدائهم، ولهذا فهو عمل غیر جائز شرعاً وعقلاً، أشیر هنا إلى أن الثابت عندنا أنّ السیدة الصدیقة قد ماتت مظلومة شهیدة.

أصل الهجوم على بیت الزهراء لم ینكره أیٌ من المتحاورین

كما أنّ أصل الهجوم والتهدید بالإحراق ثابت عند الشیعة والسنة؛ بدلیل أنكم لم تتمكنوا من نفیه وإنكاره، وأمّا كسر الضلع وإسقاط الجنین فهو ثابت عند الشیعة، بل حتّى عند السنة بناء على صحة روایة الجوینی.

الهاشمی: طیب؛ إذن أبو بكر وعمر متورطان فی الموضوع، فخلاصة رأیك أنّ أركان الجریمة ثبتت؛ ففی الروایات التی قرأتها من كتب الشیعة أن أبا بكر وجّه عمر وعمر نفّذ؛ فهل نفهم من حدیثك أنك تعتبرهما مشاركین فی هذه الجریمة؟

غضب الزهراء یدل على الحادثة

السید القزوینی: الثابت عندنا وعند أهل السنّة ـ طبقاً لما ورد فی صحیح مسلم والبخاری ـ أنّ السیدة الزهراء(علیها السلام) قد ماتت وهی غاضبة على عمر وأبی بكر.

الهاشمی: هذا افتراء یا سید القزوینی، بالله علیك، اترك مسلماً والبخاری؛ لأنهما لم ینقلا أن أبا بكر أو عمر قتلا فاطمة ولا كسرا ضلعها ولا أسقطا جنینها، أنت تعرف هذا والمشاهدون والمراجع العظام یعرفون هذا، فهل من خلق الإمام علی الذی تدعون اتباعه أن نلبس الكلام بعضه ببعض([291])؟

والمهم فی الأمر أن نعرف ما هو جوابك بالنسبة لأبی بكر وعمر اللذین یلعنان كل سنة، لأنهما قتلا السیدة فاطمة؛ هل هذا هو رأیك أیضاً حسب الروایات أم لا؟

السید القزوینی: لا لیس رأیی.

الهاشمی: إذن لم یشاركا فی كسر الضلع؟

السید القزوینی: عقیدتی، أنّ اللعن والسب والشتم، غیر جائز مهما كانت الأسباب والمبررات.

الهاشمی: والله ما سألتك عن هذا، أعید سؤالی؛ أنت عرضت لنا روایات عن ابن أبی شیبة؛ وروایات من الشیعة مفادها أن عمر بن الخطاب هو الذی نفّذ الهجوم وقد ندم أبو بكر على كشفه لبیت فاطمة، وقلت لنا أنهما لم یكونا وحدهما فقط، بل مع مجموعة من الصحابة؛ فبناءً على ذلك؛ هل أنك تقول إنّ عمر وأبا بكر ومجموعة من الصحابة شاركوا فی هذا الهجوم على السیدة فاطمة أما بالتوجیه أو بالتنفیذ؟

السید القزوینی: مفاد الروایات أن أبا بكر قد أرسل عمر، ومعه مجموعة من الأشخاص من بینهم قنفذ، مولى عمر، لكی یجبروا علیاً ومن معه، والذین كانوا موجودین فی بیت الصدیقة الطاهرة على البیعة لأبی بكر، وأن عمر كبس البیت، وهدد بإحراقه على من فیه، مع علمه بوجود السیدة الزهراء، وهذه الروایات متعددة مستفیضة ومرویة فی كتب الفریقین، وقد بینا ذلك خلال هذه المناظرة.

الهاشمی: یا سید القزوینی، إذن جزاك الله ألف خیر، لقد وصلنا فی النهایة إلى معرفة رأیك النهائی، والحمد لله الذی یسّر لنا ذلك، فإن الأمر صعب وحساس ولا توجد قناة فی العالم تفتح النقاش بكلّ هذه الحریة([292]).

 أبو شوارب[مقاطعاً]: لقد صبرنا الیوم صبراً لم یصبره أیوب.

الهاشمی: على كلّ حال نتیجة طیبة؛ وذلك أولاً: لقد عرفنا رأی السید القزوینی شخصیاً، وثانیاً: أنّنا سمعنا منه أن الكتاب المنشور على موقع مركز الأبحاث العقائدیة، خطأ وینبغی أن یحذف.

هذا للذین لا یقتنعون بأهمیة الإعلام؛ للذین یظنون أنّ الإعلام أمر هامشی فی الحیاة؛ الآن نقول لهم: هذا دلیل آخر، لقد استمعنا من رجل ثقة، هو ثقة فی نقل هذه الروایة عن السید السیستانی، أنّ هذا الكتاب باطل([293]).

إنّ هذا الحوار تدریجی، وهذه الخطوة لا نظنها صغیرة، ونحن إن شاء الله نأمل لما بعدها؛ وهو أكبر بإذن الله. والآن نتوجه بنفس السؤال للأخ الخزاعی لنتعرف على رأیه فی الموضوع؛ تفضل:

الخزاعی ینفی التهمة عن الشیخین

الخزاعی: بسم الله الرحمن الرحیم السلام علیكم ورحمة الله وبركاته.

الهاشمی: وعلیك السلام ورحمة الله وبركاته.

الخزاعی: أنا حقیقة أناقش كمواطن عراقی شیعی معاصر؛ فأنا لست آیة الله ولا أفقه فی الدین ولا هم یحزنون([294])، أنا منذ أن ولدتنی أمی وأنا شیعی؛ زرت الأضرحة ولطمت على الحسین؛ وفعلت كل شیء، ولكن لم یكن فی خلدی أن آتی هنا یوماً من الأیام لكی أدافع عن أبی بكر وعمر.

الهاشمی: المهندس صباح الخزاعی، بعد ما استمعت إلى الأدلة والروایات التی نقلها الأخ القزوینی من أن فاطمة الزهراء تمّ الهجوم على بیتها وكسر ضلعها وأسقط جنینها، هل حصل ذلك برأیك أم لم یحصل؟

الخزاعی: مستحیل، مستحیل على الإطلاق.

الهاشمی: قال الدكتور القزوینی وآخرون إن أبا بكر وعمر وقنفذ وغیرهم متورطون فی الهجوم، هل هذا صحیح أم لا؟

الخزاعی: لا، على الإطلاق وأنا مطمئن، وضمیری مطمئن وأن الله یشهد على ما أقول([295]).

الهاشمی: جزاك الله خیراً على الوضوح، فأنت لم تتعبنا فی معرفة رأیك.

الرأی الأخیر للدكتور (أبو شوارب)

الهاشمی: الأخ الكریم الدكتور محمد مصطفی (أبو شوارب)، أكادیمی مصری، ولیس وهابیاً ولا سلفیاً بالتصنیفات الحدیثة؛ لكنه متخصص فی البحث العلمی، وله درایة ـ كما لاحظتم مشاهدینا الكرام ـ فی هذه الموضوعات التی یشارك فیها، وهذا حكمه الآن، وخلاصة رأیه فی موضوع النقاش فی الأیّام الماضیة كلّها، تفضل:

أبو شوارب: بسم الله الرحمن الرحیم والحمد لله ربّ العالمین والصلاة والسلام على أشرف المرسلین وسید الخلق أجمعین وخاتم الرسل والنبیین سیدنا محمد علیه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى یوم الدین خیر صلاة وأزكى سلام وبعد:

لابدّ أنْ أبدأ بالمزاح یا دكتور هاشمی؛ لأننا تجاوزنا فی هذه الحلقة كل الأسس المعروفة لإدارة المناظرات والمناقشات، أنت كنت صبوراً جداً مع السید الدكتور القزوینی.

دعوى أن منهجنا قائم على أكاذیب وقصص مدسوسة

أنت ترید أن تصل إلى نتیجة، لكن من الواضح أن المنهج فی حدّ ذاته لن یؤدّی إلى نتیجة، لأننی بصراحة أقول: أنه منهج زائف وباطل وقائم على أكاذیب؛ قائم على قصص مدسوسة، وسوف نركز الآن فی دقائق قلیلة على الدكتور القزوینی، ویبدو أنه یحاول أن یكون حسن المعشر، وأن یبدی تحفظاً على سب الصحابة؛ رغم أنه یتّهم الصحابة بما هو أبشع من السب؛ یتهم أبا بكر وعمر بأنهما قاتلان مجرمان معتدیان، لیس على امرأه عادیة وإنما على حرمة رسول الله (علیه الصلاة والسلام)، فنقول:

 إذا تناقضت أقوال الشاهد، من المؤكد أنّ شهادته سوف تسقط؛ ولا تقوم لها قائمة؛ فلا ینظر فی قوله عند هیئة المحكمة بعد ذلك؛ كذلك فی علم الرجال؛ فإذا تناقضت أقوال الرجل، فهو غیر معدّل عندهم([296]).

أنا سأستخدم الیوم عبارة استخدمها من قبل السید حسن الحسینی ففی رأیی أنها عبارة صحیحة؛ ولكننی لم أؤیده فی وقتها؛ لكننی سأعلن تأییدی له الآن وهی: أن القزوینی، مع كامل احترامی وتقدیری له، یتبع منهج التدلیس، لا أقول إنه مدلس، لكنه یتّبع منهج المدلسین؛ وذلك ثبت بوضوح فی نقله عن الشهرستانی، وأیضاً هو واضح الیوم، یقبل نصف الروایة ویرفض نصفها([297])، ثم هو یدور ویراوغ ویؤكّد مرة بعد أخرى أنه لا یسب الشیخین، وأنه یجلّ الصحابة، فلماذا إذن یتهم الشیخین بهذه الجریمة البشعة؛ لماذا ینقل لنا عن المجلسی وعن الكلینی كلّ هذه الافتراءات([298])؛ ولماذا یؤمن بهذه الأفكار التی تروّج لثقافة الحقد والكراهیة واللعن والسب والتی نهی عنها الإمام علی قبل غیره.

دعوى أن مذهبنا هو مذهب عموم الشیعة وهو مذهب ساقط

كلّ هذه المعطیات تؤكّد أنّ المذهب الذی یعتقده القزوینی هو مذهب عموم الشیعة وهو مذهب متناقض وروایات متدافعة؛ فهو مذهب ساقط([299]).

لا توجد روایة صحیحة تؤكّد هذه الواقعة عند السنّة والشیعة!

كلّ هذه الاتهامات الزائفة التی حاول القزوینی أن یبرّرها الیوم، لا أساس لها من الصحة؛ یأخذ فی الموضوع ویتحدث عن أمور أخرى، أقول هذا للمرة الملیار، لا توجد روایة واحدة صحیحة مسندة تشیر إلى هذه الواقعة، لا عند أهل السنة ولا عند الشیعة؛ وحتى الروایات الموجودة عند الشیعة والمنسوبة إلى الإمام جعفر الصادق هی روایات مكذوبة؛ كلّ رواتها من الروافض الذین تسقط روایاتهم([300]).

من دلائل دعواه على تدلیسنا

من أمارات تدلیس القزوینی أو من أمارات اتباعه لمنهج المدلسین، أنّه یتبع منهج التدلیس باحتراف كغیره من علماء هذا المذهب الذین یراوغون مراوغات لا تلیق بالعلماء أبداً، فإذا كنا نحن جمیعاً لا نسب أبا بكر وعمر فهل یجوز لنا أن نتهم رواة الحدیث فی كتابی الصحیحین مسلم والبخاری أنهم یسبّونهم؟

وحتى مع اتهام راوی أو راویین أو ثلاثة من رواة صحیح البخاری ومسلم بأنهم كانوا یسبون أبا بكر وعمر فلیس معنى هذا أنهم ارتكبوا هذا الجرم؟

لكن هل هذا الاتهام ثابت؟ هل ثبت أن هؤلاء الرواة كانوا یتناولون الشیخین بما لا یلیق؟ هذا أمر مقطوع بكذبه([301])!

وقد قال عن عبد الرازق أنّ المحدّثین قالوا فی حقه: لو ارتدّ عبد الرازق عن الإسلام ما تركنا حدیثه؛ وقلت فی نفسی: أنهم یردّون بهذا على الكذابین من روافض الشیعة الذین حاولوا إلصاق تهمة سب الشیخین بعبد الرزاق؛ انتم تقولون أنه یسبّ الصحابة؟ والله أنتم كذابون؛ وحتى لو ارتدّ الرجل لم نكذّبه؛ هذه الروایة التی قرأها القزوینی الآن دلیل علیه؛ ودلیل على أنه یراوغ ویلفّ ویدور ویدلّس([302]).

قول أمیر المؤمنین: أنا لا أرید الإمارة

اسمحوا لی أنْ أشیر فی عجالة إلى عدّة نقاط:

النقطة الأولى: أنّ الجریمة لم تقع أصلاً؛ لأنّ علیاً لم یؤخّر البیعة، فقد بایع فی أول الأمر، والأدلّة على هذا وافرة من كتب السنة وكتب الشیعة؛ وهذه الروایة التی وردت فی البدایة والنهایة لابن كثیر بإسناد جیّد فی الجزء السادس صفحة (341) وهی عن خطبة علی بن أبی طالب من منبر الكوفة، وقد نقلها كذلك ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة فی الجزء الأول صفحة (332)، یقول الإمام علی بنص عبارته: ـ هؤلاء الذین یصورون للناس أن علی بن أبی طالب (كرم الله وجهه)، هذا الرجل العظیم الجلیل، یصورونه على أنه واحد من السیاسیین الذین یتقاتلون من أجل الحكم، ومن أجل الكرسی([303])، هذه مسألة كانت أبعد ما تكون عن الإمام علی ـ: “والله ما كنت حریصاً على الإمارة یوماً ولیلة قط ولا فیها راغباً ولا سألتها الله عز وجلّ”.

 یا إخوانی، المذهب القائم على أن الإمام علی سُلب حقه من الخلافة، مذهب كلّه ضلال، فالإمام علی بنفسه یقول: أنا لا أرید الخلافة، لا فی سر ولا علانیة؛ ولا سألت الله عز وجل ذلك، ولكنی أشفقت من الفتنة ومالی فی الإمارة من حاجة.

یقول الإمام هذا الكلام بعد أن قبل الخلافة؛ فإنه قال: قد قُلّدت أمراً عظیماً مالی به من طاقة ولا بدّ إلا بتقویة الله عزّ وجلّ، ولوددت أنی أقوی الناس علیها الیوم.

هذه الخطبة التی یقولها الإمام علی بن أبی طالب تؤكّد على أنه لم یكن حریصاً على الخلافة لا من قریب ولا بعید([304]).

قول أمیر المؤمنین فی نهج البلاغة: إنا وجدنا أبا بكر أهلا للخلافة

إذا كان الرجل لا یرید الخلافة، فی حین أنّ الروایة تقول: إنّ عمر ومن معه (رضی الله عنهم أجمعین) ذهبوا إلى بیت فاطمة لإحراقه؛ لأنّ علیاً والزبیر أخروا البیعة! فإذا كان علیاً یقول فی نهج البلاغة: إنا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله (صلّى الله علیه وسلّم)!!! وكذلك یقول فی شرح نهج البلاغة لأبی سفیان، حینما قال له: امدد یدك أبایعك، قال له: لولا إنّا رأینا أبا بكر أهلاً لها ما بایعناه؛ حقیقة أنّ القضیّة واضحة وجلیّة ولا نقاش فیها([305]).

هل اطلع رسول الله على المحسن عبر جهاز سونار؟

وكذلك یقولون: إنّ الرسول (صلّى الله علیه وسلّم) سمّى محسناً وهو جنین؟ فهل اطلع علیه وهو فی بطن أمّه، هل كان عنده جهاز سونار؟ ورأى الجنین ذكراً وسماه محسناً([306]).

ادعاء (أبو شوارب) أن رسول الله حلق رأس المحسن وعقّ عنه

كما نقل صاحب كتاب المختصر من كتاب الموفق: صفحة (141) أنّ الرسول (صلّى الله علیه وسلّم) قد حلق رأس المحسن وعقّ عنه؛ یعنی أنّه قد ولد فی حیاة النبیّ (علیه الصلاة والسلام)([307]).

ادعاؤه إجماع أهل العلم على أن محسنا مات صغیرا

وأجمع أهل العلم على أنّه مات صغیراً؛ ولم تكن السیّدة فاطمة(علیها السلام) حبلى یوم وفاة رسول الله (علیه الصلاة والسلام)؛ كلّ هذه أكاذیب لا أصل لها من الصحة([308]).

كلام زید بن علی بن الحسین فی الدفاع عن أبی بكر

لنقرأ هذا النص من كتاب البدایة والنهایة لابن كثیر فی الجزء الخامس ص (253) وهو من روایة عامر الشعبی، وهی روایة صحیحة مسندة، عن عامر الشعبی عن علی بن أبی طالب رضی الله عنه وأرضاه...([309]).

وهی عن زید بن علّی بن الحسین بن علی بن أبی طالب، أخو الباقر وعم الصادق، كان زید صادقاً وفی منتهى الصدق حینما قال لهؤلاء المتنطّعین ممن یدّعون أنهم من أنصار آل بیت النبوة، هؤلاء الذین تحرّكهم أحقاد المجوس من عبدة النار، قال لهم: “البراءة من أبی بكر هی البراءة من علی”([310])؛ كان صادقاً فی هذا؛ لأنه أدرك بما آتاه الله من علم أن هؤلاء یكیدون لعلی كما یكیدون لأبی بكر.

ما هی منزلة فاطمة عند أهل السنة؟

 لقد روت السیدة عائشة (رضی الله عنها وأرضاها) أربعة أحادیث عن النبی (علیه الصلاة والسلام) أنه قال: إن سیدة نساء أهل الجنة فاطمة؛ عائشة هی التی تقرّ بفضل فاطمة؛ هكذا یعرف الصحابة منزلة آل البیت([311]).

العودة إلى روایة ابن كثیر

نعود إلى روایة ابن كثیر، وفیها: أن فاطمة قالت للإمام علی: أتحب أن آذن له؟ قال نعم؛ فأذنت له فدخل علیها وترضّاها؛ فقال: والله ما تركت الدار والولد والأهل والعشیرة إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البیت، ثمّ ترضّاها حتى رضیت([312]).

طلب أبی بكر وعمر من علی الأذن فی الصلاة على فاطمة(علیها السلام)

وكذلك لما ماتت فاطمة، جاء أبو بكر وعمر معزیان وقالا: یا أبا الحسن لا تسبقنا بالصلاة على بنت رسول الله.

تعرفون هذا الحدیث أین؟ إنه مروی فی صفحة (235) من كتاب سلیم بن قیس، الذی تدعی الشیعة أنه المصدر الأساسی لجریمة الدار؛ فلو أننا قتلنا ابنة صدیقنا أو ضربناها ثم ماتت هل نذهب لنعزّی زوجها، ونقول له: بالله علیك انتظرنا حتى نصلی علیها؟ فهل هذا یقبل؟ وهل أنه منطقی؟ كیف یقوم دین على مثل هذه الترّهات؟ كیف تقوم العقیدة على مثل هذه الأفكار الفاسدة التی لا أساس لها من الصحة([313])؟

سأقرأ علیكم نصاً فی غایة الخطورة، یكشف لنا حقیقة هذا المذهب، ویكشف لنا أیضاً سر القضیة؛ والنص قد یبدو خارج عن الموضوع لكننی أراه فی صلبه.

نص من الإمام الخمینی فی جواز شتم ولعن كل أهل السنة

انظروا، یا سیّد صباح والدكتور الهاشمی والسادة المشاهدین؛ هذا النص الذی أرید قراءته، ولم یشر إلیه السید القزوینی على الإطلاق فی حدیثه، وهو نصّ من الإمام الخمینی؛ ومرجعیة الإمام الخمینی فوق مرجعیة السید الخامنئی ومرجعیة السید السیستانی، وهذا أمر مفروغ منه، فالخمینی له شتائم معروفة فی حق أهل السنة فی كتابه (تحریر الوسیلة) وفی غیره من كتبه، وهذه الكتب موجودة ولا تخفى على أحد؛ لكن أنا سأتحدث فقط عن نصّ هامّ فی قضیتنا؛ ولا أرید أن یبرّر أن هذا الرجل لا یلعن أهل السنة والجماعة؛ لأن هذا أمر مفروغ منه ویعرفه الجمیع؛ وهذا هو المرجع الأعلى وقائد الثورة الذی أسّس الدولة الإسلامیة([314]).

لكن سأنقل نصاً عن كتاب المكاسب المحرّمة الجزء الأول صفحة (251)، فهذا النص یفیدنا جداً فی القضیة؛ الخمینی یقول: “غیرنا لیسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمین، فلا شبهة فی عدم احترامهم؛ بل هو من ضروری المذهب”، هذا عالم المذهب یقول لك: یجب علیك أنك تسبّ المخالف وتلعنه.

ویضیف: “بل الناظر فی الأخبار الكثیرة من أبواب متفرّقة لا یرتاب فی جواز هتكهم والوقیعة فیهم”؛ یعنی أن تدعو علیهم.

فالخمینی یثبت، بصریح العبارة، أن التهمة ملفّقة على أبی بكر وعمر؛ لأنّ أبا بكر وعمر من مخالفی المذهب([315])؛ ولأنهم ماتا فی القرن الأول الهجری، أی قبل أن تختلق قصة المهدی سنة ستین ومائتین أو سنة ثلاثة وستین ومائتین من هجرة النبی (علیه الصلاة والسلام)!!!

ولأنّهم لیسوا بإخوانهم، كما یقول الخمینی، فیجوز هتكهم والوقیعة فیهم؛ بل الأئمة المعصومون أكثروا فی الطعن واللعن علیهم وذكر مساوئهم([316]).

فالمسألة فی نظری، أكبر من فاطمة، مع جلالة قدر فاطمة؛ كما أنها أكبر من علی، مع جلالة قدر علی؛ المسألة متعلقة بالدین؛ بالإسلام؛ لو كان ما یقوله هؤلاء الناس صحیحاً إذن لسقط الإسلام بالجملة([317]).

الشیعة یدَّعون بان جمیع الصحابة ارتدوا إلا القلیل منهم

الذین یدعون أنهم مسلمون، ویطعنون فی أبی بكر وعمر وعثمان وعلی ویقولون أن الصحابة جمیعاً قد ارتدوا إلا ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو سبعة، وفی أقصى الأحوال لا یزیدون عن تسعة أبداً([318])، من یبنی دینه على هذا الأساس فدینه غیر دین الإسلام؛ فإذا كان هؤلاء مرتدین سفاكین قتلة مغتصبین فما هو الدین الذی نقلوه؟ إذن نحن كلنا مرتدون إذا صدّقنا كلامك یا سید القزوینی وكلام غیرك من علماء الشیعة كالمجلسی والكلینی والخمینی وما یقوله باقی المراجع الذین تحاول أن تبرئهم على الملأ([319]).

أنا لا أستطیع أنْ أرجم بالغیب، لكنّنی أظنّ أنهم وفی مجالسهم الخاصّة یقولون أكثر مما قاله المجلسی والكلینی؛ ویفعلون كما فعل جعفر الصادق؛ یقعدون مع العامة ویقولون إنّنا لا نسبّ الشیخین؛ لكنّهم یسبّونهم فی مجالسهم الخاصّة([320])، فالهدف لیس هو أبا بكر ولیس عمر؛ أن الهدف هو الإسلام([321]).

الهاشمی: نعم صحیح.

أبو شوارب: ثمة أمة قهرها الإسلام وأطفأ نارها، وأزال ملكها من سطح الأرض، وأباد ذروتها نهائیاً؛ فسعى البعض منهم ـ ممن لم یفتح الله قلوبهم لنور الإسلام، ولم یعرفوا قیمة الحریة التی قدّمها لهم، ولم یقدروا قیمة العدل الذی نشره ـ إلى الكید لدین الله فاخترعوا كلّ هذه القصص الوهمیة، التی لا غایة منها ولا هدف إلا الطعن فی الإسلام([322]).

 یا سادتنا الأفاضل؛ أنا أرى أن المسألة أكبر من أبی بكر ومن عمر ومن عثمان ومن علی ومن فاطمة؛ مع جلالة قدر هؤلاء جمیعاً (علیهم السلام ورضی الله عنهم)؛ المسألة فی الدین.

روایات الشیعة فی انتقاص أهل بعض المدن

ثم ماذا یقول هؤلاء عن بلدان المسلمین؟ هم یسبون أهل العامة، ویسبون بلدانهم؛ فیقولون: أهل الشام شر من أهل الروم، وأهل المدینة شر من أهل مكة وأهل مكة یكفرون بالله جهراً([323]).

الهاشمی: من القائل من؟

أبو شوارب: الكلینی فی الكافی فی أصوله الجزء الثانی: ص(409)، وفی بحار الأنوار الجزء السادس: ص (208).

وتفسیر القمی: ص (596) یقول عن مصر وأهلها: لعنوا على لسان داود(علیه السلام) فجعل الله منهم القردة والخنازیر([324]).

ویكمل العیاشی فی تفسیره والبحرانی فی برهانه فیقولا: ولما غضب الله على بنی إسرائیل أدخلهم مصر؛ ولا رضی عنهم إلا أن أخرجهم منها إلى غیره؛ ویقولا أیضاً: بئس البلاد مصر، أما إنها سجن من سخط الله علیه من بنی إسرائیل.

ویقول المجلسی فی بحار الأنوار، اسمعوا إلى هذه الروایة العجیبة: انتحوا من مصر ولا تطلبوا المكث فیها لأنه یورث الدیاثة، یعنی البقاء فی مصر یجعل الرجل دیوثاً، والدیوث هو الذی یدخل الغرباء على أهله، یعنی قوّاد على أهل بیته([325])!!

كلام السید نعمة الله الجزائری ضد أهل السنة

وسأختم بنص من السید نعمة الله الجزائری، هذا النص یذكرنا فی بدایة الحلقة الأولى بكلام آیة الله الجناحی حینما قال فی حوار عبر هذه الشاشة، قال: أنا لا أؤمن بكتبكم، فلا أؤمن بصحیح البخاری، ولا أؤمن بمسلم ولا أؤمن بنصوصكم الأخرى، فقد كان أكثر صراحة من القزوینی؛ القزوینی رجل لطیف وعنده مهارة سیاسیة، وقریب من المراجع العظام، ومتعلّم أصول التقیة؛ یعنی یراوغ بشكل جید([326])، لكن الجناحی یبدو أنه مسكین فی العراق لا یعرف أصول التقیة على وجهها الصحیح.

فی كتاب الأنوار النعمانیة للسید نعمة الله الموسوی الجزائری، فی الجزء الثانی ص279 یقول بوضوح: لم نجتمع معهم على إله؛ یعنی هم یعبدون إلهاً غیر الذی نعبده؛ یعبدون ماذا؟ لا نعلم! ولا على نبی؛ ولا على إمام؛ وذلك أنهم یقولون أن ربهم هو الذی كان محمد نبیه وخلیفته بعده (أبو بكر)، ونحن لا نقول بهذا الرب؛ ولا بذلك النبی؛ بل نقول: أن الرب الذی خلیفة نبیه (أبو بكر) لیس ربنا وذلك النبی لیس نبینا([327]).

ولذلك أختم قولی وأوجّه هذه الآیة الكریمة لآیة الله القزوینی، وأقول له بوضوح وبصراحة: {یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}.

الذی یتهم الصحابة خارج عن ملة الإسلام

وأقول، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: إذا رأیتم الرجل یذكر أصحاب رسول الله (صلى الله علیه وسلم) بسوء فاتهمه على الإسلام؛ یعنی اتهمه فی دینه؛ فمن یتهم أصحاب رسول الله؛ الذین نقلوا كتاب الله ونقلوا سنة نبیه لیس من الإسلام فی شیء؛ ولیس هذا اتهام له بأنه خارج عن ملة الإسلام، لأنه ببساطة لا یؤمن بكل ما نقله هؤلاء الصحابة؛ فهم الذین نقلوا آی القرآن، وهم الذین نقلوا لنا الحدیث النبوی الشریف.

فما دمت تتهم هؤلاء وتلعنهم وتسبهم وترى أنهم مرتدون، فإن الدین الذی نقلوه لنا وندین الله به لیس دینك على الإطلاق ([328]).

الرأی النهائی لـ (أبو شوارب) حول موضوع الهجوم

ختاماً أقول: أعوذ بالله من هذا الكلام؛ أعوذ بالله من هذا الكلام؛ أعوذ بالله من هذا الكلام؛ الذی لا ینطق به مسلم عارف بربه ومؤمن بنبیه، فأنا أشفق على العامة من أبناء الشیعة البسطاء، الذین یضلّلهم هؤلاء المراجع.

الهاشمی: وهل أنت تشفق على القزوینی أیضاً؟

أبو شوارب: أنا أشفق علیه أیضاً؛ وأخاف علیه من الحساب أمام الله سبحانه وتعالى.

الهاشمی: هو معك؛ تفضل یا سید القزوینی.

ردنا على مدعیات (أبو شوارب)

السید القزوینی: بسم الله الرحمن الرحیم.

الأخ الهاشمی لقد وعدتنی هذه اللیلة بإعطائی نصف ساعة من الوقت وألا تقاطعنی، ولكنك، یا أخی العزیز، قاطعتنی كثیراً فیما لم تقاطع الأخ (أبو شوارب)، وهذا لیس من العدالة.

الهاشمی [مخاطباً لنا]: مقاطعتی لكلامك مساعدة لك، وفی هذا تسهیل لمهمتك! والإخوان هنا فی الاستدیو غاضبون ثائرون، وكادوا ینصرفوا من الأستدیو لمّا كنت أنا وإیاك فی المناقشة؛ ومع ذلك أنت أصدرت حكمك، وهم كل واحد منهم أصدر حكمه.

أنا أرید منك تعلیق ختامی، وها أنت قد استمعت إلى الأخوین وقد فنّدا كلّ ما طرحته من أدلّة وكلّ ما وصلت إلیه من نتائج وقالا: إنّ من یقول بوقوع هذه الجریمة أو یورّط فیها الصحابة فإنه كاره للإسلام مبغض له([329])، ماذا تقول لهم فی نهایة الحدیث؟

ردنا على ما نقله (أبو شوارب) عن السید نعمة الله الجزائری

السید القزوینی: أمّا بالنسبة إلى ما تفضل به الأخ العزیز (أبو شوارب) من نقله من كتاب الكافی أو من السید نعمة الله الجزائری أو غیره، وقال بأن هذه عقیدة الشیعة، فهذا كذب وافتراء.

أنا أقول بأن السید نعمة الله الجزائری عالم شیعی جلیل لكنه لا یمثّل عقیدة الشیعة؛ وهو متشدّد نوعاً ما؛ حتى أقول بصراحة: أن هناك من علمائنا من أفتى بحرمة قراءة بعض كتبه.

ففی الجزء الثانی من كتابه الذی نقلت عنه؛ قال آیة الله الانگجی فی هامشه: أفتى بعض علماء الشیعة بحرمة قراءة بعض كتب السید نعمة الله الجزائری.

ما نقله عن السید الخمینی لا ربط له بالمسألة

أمّا ما ذكرت من كتب السید الخمینی (رضوان الله تعالى علیه) فهو لا علاقة له بموضوع البحث، كما أنّ الإمام الخمینی لا یقول بسب الصحابة ولا یقول بسب أبی بكر وعمر؛ ولا یقول بعدم إسلام أهل السنة، أو بجواز سبهم أو بنجاستهم؛ فهو لیس تكفیریاً مثلك أو مثل أمثالك كابن جبرین الذی یقول بأن الشیعة الروافض كفار بالأدلة الأربعة، ومثله ابن باز الذی یقول بكفر الشیعة، أو غیرهم ممن أفتوا بأنّ من أنكر خلافة أبی بكر فهو كافر؛ فهذا كتاب (الفتاوى الهندیة) للفراهانی؛ و(حاشیة ردّ المختار) لابن عابدین؛ و(البحر الرائق) لابن نجیم المصری؛ كلّها تقول بأنّ من أنكر خلافة أبی بكر فهو كافر! فإذا كنت حریصاً على الإسلام فلماذا لا تعترض على مثل هذه الفتاوى؟

طرح هذه المناظرات تعمق الخلافات بین المسلمین

أخی العزیز الدكتور الهاشمی: أنا أعتقد أن طرح مثل هذه القضایا الخاصة فی الظروف الراهنة التی یعیشها المسلمون، بل حتّى البحث فی قضیة استشهاد فاطمة أو إدانة أبی بكر وعمر أو عدم إدانتهم لیس فی صالح الإسلام والمسلمین، بل أظنّ بأنّ هناك أیاد خفیة تقف وراء طرح مثل هذه الأمور وبهذه الطریقة، لتعمیق الخلاف بین المسلمین.

قضیة استشهاد فاطمة(علیها السلام) لیست مستحدثة

وعلى كلّ حال؛ فقضیة استشهاد فاطمة(علیها السلام)، كما قلت سابقاً، لیست قضیة مستحدثة؛ فهی موجودة منذ زمن الأئمة(علیهم السلام) وهی من القضایا الثابتة عند الشیعة.

محاولة لإقناعنا بعدم إقامة هذه المجالس

الهاشمی: نحن الیوم فی شهر یولیو سنة (2008)م، وقد ظهر للأخ صباح الخزاعی ومجموعة من الشیعة أن هذه الحادثة غیر ثابتة؛ وقد أبلغنی مجموعة من الشیعة حیث اتصلوا بی وقالوا: إنّنا اكتشفنا أنّنا كنّا مضلّلین؛ ولن نحضر مجالس العزاء فی العام المقبل([330]).

وقال أحدهم: أنا أفهم ضمنیاً أن السید القزوینی نفسه یدعو إلى إغلاق مجالس العزاء فی الأعوام المقبلة؛ فإنّه لم یعد لائقاً فی القرن الخامس عشر الهجری أن یتمّ الاحتفال بمجالس العزاء للسیدة فاطمة واتهام الصحابة بقتلها؛ وقالوا بأن هذا ما فهموه منك؛ فهل فهمهم هذا صحیح؟

تأكیدنا على مشروعیة هذا العزاء

السید القزوینی: لا لیس الأمر كذلك؛ بدلیل أنّه قد اتصل بی أیضاً عدد كبیر من الأخوة من المملكة العربیة السعودیة، ومن لندن ومن ألمانیا وشكرونی على كلامی، وأكدّوا لی أنّهم لم یكونوا یعلمون أنّ هناك روایات صحیحة عند أهل السنة حول قضیة استشهاد فاطمة الصدیقة، وقضیة الهجوم على بیتها(علیها السلام)، وقد تنبهوا إلى ذلك، ولذلك فإنّهم سیشاركون فی السنة القادمة فی إحیاء ذكری استشهاد هذه السیدة الطاهرة، وأنا هنا أشیر إلى أمرین:

 الأول: أنّ مسألة المشاركة فی إحیاء ذكری استشهاد فاطمة(علیها السلام) أمر مهم جداً؛ لأن فیه إحیاء لشعائر الله وأمر أهل بیت النبوة، ومن هنا فقد دعا إلیه علماء ومراجع الدین ومنهم المرشد الأعلى آیة الله العظمى السید علی الحسینی الخامنئی، والذی یقیم كلّ سنة مراسم إحیاء ذكرى استشهاد الصدیقة فاطمة(علیها السلام).

الثانی: أنّ الذی ندعو إلیه ونصرّ علیه ویصر علیه علماؤنا ومراجعنا، هو أنّ أی نوع من أنواع السبّ والشتم للصحابة وتوجیه الإهانة إلى أهل السنة أو إلى عقائدهم ومقدساتهم، أمر غیر جائز. وأنا شخصیاً أعتبره ذنباً لا یغتفر؛ هذا ما أدعو إلیه كلّ إخواننا الشیعة فی كلّ مكان.

توجیهنا لكلام السید الخمینی(قدس سره)

أما بالنسبة إلى ما ذكره الدكتور (أبو شوارب)؛ فإنّ السید الخمینی ینقل فی كتاب المكاسب عن الشیخ البحرانی صاحب الحدائق حول جواز سب أهل السنة أو الوقیعة فیهم، ثم بعد ذلك یردّ علیه ویقول: بأنّ هذا القول لیس بصحیح

أبو شوارب: كلامك أنت غیر صحیح؛ إقرأ ما قاله الخمینی؛ أنت تدلّس مرّة ثانیة؛ بعد هذه الفقرة ینقل الخمینی روایة مكذوبة عن الإمام جعفر الصادق یتهم فیها أبناء العامّة بأنّهم أولاد زنا، وأنا استحییت أن أقرأ هذه الروایة؛ وهی فی السطر الثانی مباشرة؛ ویظهر منها جواز هتك أبناء العامة.

هذا هو الموجود فی الكتاب، فلا تخدع الناس یا سماحة القزوینی([331]).

السید القزوینی: الجزء الأول من كتاب المكاسب المحرمة للسید الخمینی هو الآن أمامی، وهو ینقل هذه القضیة فی الصفحة (252) ثمّ یقول: فنعم ما قال المحقق صاحب الجواهر: إن طول الكلام فی ذلـك ـ كما فعل صاحب الحدائق ـ من تضییع العمر فی الواضحات.

فهو إذن یعتبر طرح مثل هذه القضایا من باب تضییع العمر فی الواضحات.

أبو شوارب: هذه القضیة عند الإمام الخمینی واضحة فی أنّ المخالفین لیسوا إخواناً للشیعة! وأنّهم أبناء زنا! وأنّهم ملعونون! وأنّهم مرتدون! وأنّهم كفار([332])!!! أنت قلت إنّ الخمینی ردّها، أین الرد؟ أنه یؤید هذا الكلام([333]).

فأنا لا أرید أن أخدع الناس، ولا أرید أن أحولها إلى لعبة سیاسیة لیرضى عنّی السید فلان أو القائد فلان؛ نحن نقدّم حقیقة؛ نحن نقدّم تاریخاً؛ نحن نقدّم كتباً موجودة للمذهب؛ كیف یصدّقك تلامیذك وهم یقرؤون كتاب المكاسب المحرمة؟ أنت تحاول أن تدافع عنه، ارفعوا هذه التقیة عنكم، وقولوا آراءكم بصراحة واكشفوا للناس أنّكم تهدمون دین الإسلام! أنّكم ضدّ الإسلام! أنّكم تحاربون الصحابة! أنّكم تحاربون نقلة القرآن الكریم وتحاربون السنة([334])!

الهاشمی [متهكماً]: الأخ القزوینی یرى أنه یدافع عن الإسلام المحمّدی الأصیل! ألیس كذلك یا سید القزوینی؟

السید القزوینی: ذكرت فی كتابی (قصة الحوار الهادئ)؛ ما قاله السید الخمینی(قدس سره) بعد نقله لكلام صاحب الحدائق، حیث یقول: “ولكن اغترّ بعض من اختلت طریقته ببعض ظواهر الأخبار وكلمات الأصحاب من غیر غور إلى مغزاها، فحكم بنجاستهم، وكفّرهم وأطال فی التشنیع على المحقّق القائل بطهارتهم بما لا ینبغی له وله، غافلاً عن أنه حفظ أشیاء هو غافل عنها”([335]) وأرجو أن تتعامل مع كلام السید الخمینی هذا یا دكتور كما تعاملت مع غیره خصوصاً عبارة: “لكن اغترّ بعض من اختلت طریقته”.

الهاشمی: طیب، یا سید القزوینی، نحن الآن تجاوزنا كلّ الأوقات فكلّ واحد منا سیذهب إلى مكان، فعلینا أن ننهی البرنامج مضطرین؛ مع ذلك أریدك أن تحیی المشاهدین فی ثلاثین ثانیة.

تفضل: هل ترید أن تسلّم على المشاهدین فی نهایة الحوار؟

علماء الشیعة ومراجعهم یحترمون أهل السنة

السید القزوینی: بالنسبة إلى ما ذكره الدكتور أبو شوارب من روایات من كتاب الكافی أو من غیره؛ فكلها إما روایات ضعیفة أو روایات موضوعة([336]) وأؤكد هنا أن علماء الشیعة ومراجعهم یحترمون أهل السنة، ویفتون بجواز تزویجهم والتزوّج منهم وجواز أكل ذبائحهم خلافاً للبعض ممن یدعی أنه من أهل السنة والذی أفتى بعكس ذلك بالنسبة للشیعة.

الهاشمی: نختم مشاركتك الیوم فی هذا البرنامج، شكراً جزیلاً أخی، وكما ترى الأمر فهو أمر التجدید وأمر الصراحة، وأسال الله أن یوفقنی وإیاك والأخ (أبو شوارب) وكل المشاركین فی هذا البرنامج.

السید القزوینی: أرجو أن تسمح لی.

الهاشمی: نعم.

التعریف بكتب علماء الشیعة حول ظلامة الزهراء

السید القزوینی: هناك كتاب ألّفه سماحة آیة الله العظمی الشیخ جعفر السبحانی وهو من كبار العلماء البارزین فی الحوزة العلمیة فی إیران، سمّاه: (الحجة الغراء على شهادة الزهراء)، وقد ذكر فیه روایات متعدّدة من كتب أهل السنة وصحّح بعض أسانیدها؛ وأیضاً فقد ألف المحقق البارع الشیخ الدكتور یحیى الدوخی الأستاذ فی الدراسات العلیا كتاباً باسم: (ظلامة الزهراء فی روایات أهل السنة).

الهاشمی [مقاطعاً]: یا سید القزوینی؛ الكتب فی مركز الأبحاث العقائدیة كلها موجودة، ولیس فقط كتاب العقیلی؛ وهذا هو الحوار الذی ینبغی أن نتعلم منه، ونرى لعله یثمر؛ لعل هناك باحثین آخرین یسمعونه وتكون لدیهم المزید من الجرأة وسعة الأفق فی النظر.

إخراج الصحابة من قفص الاتهام لا یكون إلا بمحو روایات الصحاح

السید القزوینی: أنا أشكرك یا دكتور الهاشمی، لأنك أعطیتنی الفرصة فی ثلاث حلقات ولم تقاطع كلامی فی الحلقة الأولى والثانیة إلا فی هذه الحلقة؛ فقد عانیت من كثرة المقاطعة لكلامی، بحیث لم یُسمح لی أن أتكلم فی بعض الأحیان؛ خصوصاً أنه كان لدی الكثیر من الحقائق مما یجب طرحه، كما أنی كنت أود أن أتكلم حول السبل التی تمهّد لإیجاد الوحدة الإسلامیة.

 ولا یسعنی فی الختام إلا القول: إذا أراد الدكتور الهاشمی أو الدكتور (أبو شوارب) أو أی من الأخوة الأعزاء أن یخرج الصحابة من قفص الاتهام فلا بدّ له أن یأمر بمحو الروایات الموجودة فی الصحیحین حول الصحابة، والتی تثبت أن الكثیر من الصحابة سیدخلون النار، ولا ینجو منهم إلا مثل همل النعم([337]).

الهاشمی: یا سید القزوینی، كلّما أعطیك فرصة تستغلها بالهجوم على صحابة محمّد (صلوات الله علیه وسلم).

الوحدة هی المطلب الاساس

السید القزوینی: یا دكتور الهاشمی، اسمح لی بكلمة أخیرة؛ وهی أنْ نغض النظر عن كلّ ما من شأنه أن یثیر الفرقة والتباعد بین المسلمین، ونعمل طبقاً لما یقول به مراجعنا العظام وعلمائنا الإعلام من ضرورة وحدة المسلمین وتآخیهم، فأقوال علماء الشیعة هی التی تمثل عقائد الشیعة فقط.

الهاشمی: هل تحب أن تحیی المشاهدین الذین شاهدوك فی البرنامج؟

السید القزوینی: أجدد التحیة والاحترام لجمیع المشاهدین الكرام وكذلك الأخوة المحاورین، وأرجو من الجمیع أن یعذرونی إذا صدر منی ـ لا سمح الله ـ عن غیر قصد ما یؤذیهم، الأخ (أبو شوارب) والأخ صباح الخزاعی، الذی یدعی أنه شیعی ـ وإن شاء الله یكون كذلك ـ والأخ الدكتور الهاشمی وسائر الأخوة.كما أتمنى أیضاً أن تتاح الفرصة لكبار علماء أهل السنّة لاسیما المفتی العام فی الملكة العربیة السعودیة، أو من یمثله، للحضور والمشاركة فی مثل هكذا حوار.

الهاشمی: طیب یا دكتور، بارك الله فیك على التحیة، وجزاك الله خیراً على الملاحظات، والمعذرة عن التقصیر، جزاك الله خیراً تصبح على ألف خیر.